"عبقرية عمر "

حيا الله معشر الجزيرة، وبارك في أهلها، وزاد من خيرها.ل عنه إن الله.
صراحةً لم يكُن الأمرُ مُحيراً، ولم يقبلِ الوضعُ ترددا قط، فاخترت كتاباً وسميتُ الله فيه، ويسر الله لي أن أُتمه قبل الموعد المقرر له، بتوفيق منه سبحانه.
نضع حدا هنا للمقدمة الطللية هنا، وأطلب منكم أن تسمحوا بأخذ عقولكم داخل رحلة صغيرة في ثنايا كتابي.
الكتاب هو لصاحبه العِصَامِيِّ عبَّاس محمود العقاد، واسم صاحبه يُغني عن أي تلخيص عقيمٍ قد أقدمه في حقه، فهو من هو، وهو من مجموعته التي أسماها رحمه الله "العبقريات"، فضمَّن كلَّ كتابٍ منها حياة عظيمٍ من العُظماء، أما الذي عزمت عليه وعلى طرق بابه فهو " عبقرية عمر بن الخطاب"
فتجد العقاد قد جعل لنا مع عمر اثنتا عشر موضعا وموقفا، وجعل كل موضع وموقف على شاكلة فصلٍ في كتابه، فكانت كالتالي:
عبقري-رجل ممتاز- صفاته - مفتاح شخصيته- اسلامه- عمر والدولة الاسلامية - عمر والحكومة العصرية - عمر والنبي - عمر والصحابة - ثقافة عمر- عمر في بيته - صورة مجملة.
قد تصل لهذا السطر من كتابتي هذه، وتقول اللعنة، هذا يبدوا مملا، كيف قرأ هذا الفتى كتابا ثقيلا على النفس كهذا، يقع في اثنا عشر فصلا، و374 صفحة ... كان خيرا له لو لم يقرأه وأراح نفسه وأراحنا من قراءة تلخيص ممل كهذا.
دعني أخبرك عزيز(ت)ي، أن العقاد لبيبُ عصره وأديبه، لم يعرض لك هته المعلومات في قالبٍ أكاديمي قد يُشعرك بالملل والضجر، إنما ساقه لك في هيئة شبه رواية...
ترافق فيها عمر في أحياء وشعاب مكة، وهو يرعى ابل الخطاب، ويلعب رفقة صبية قريش، ويُنافس خالد بن الوليد ويُصارعه، وكيف تنافس الصغيران معا، وكسر عمر رجل خالد لقوته... ويفهمك لماذا كان عمرُ قائدا وخليفة ذائع الصيت، وكيف أن لهذا الأمر علاقة بنشأته وبيئته وقبيلته، وكيف أنه كان راوية شعر وحفاظا له، رقيق الاحساس، شديد العريكة... سيعرفك على عمر المطيع الذي لا يُخالف أمرا إلهيا ولا نبويا، ويضرب بيد من حديد ونار على ولده قبل غيره، وعلى عمر الرقيق المُمازح الضاحك محب الشعر الفطن السهل القريب.
ستجالس عُمر في مجالسه وتسمع نصائحه وهو يقول لك: " لا تعتمد على خلق رجل حتى تجربه عند الغضب"، وتراهُ يقف امامك فوق سهلٍ يُطل على بطن مكة فيقول : "ايه يا ابن الخطاب... قد رأيتني ارعى ابل الخطاب هنا يوما، واليوم ليس بيني وبين الله حجاب"، ستعلم انه لم تعلو به نفسه، إنما كان يُنزلها في غير منازلها ليُؤدبها...
سيُربيك ويُؤدبك، سُعينك ويُساعدك، سيشتد معك ويلين، سيقترب منك ويبعد، سيلطمك على وجهك ويمسح على خدك...
ستدمع عينك معه وهو يُفارق حياتنا هذه، وستسعد وهو يحكم في خلق الله كله، ستقول أخطأ عمر وفجأة تقول: تالله ما يُخطئ مثله ابدا.
ستحس به رضي الله عنه في ثنايا هذا الكتاب يُرشدك، ويربتُ على كتفك ويشتدُّ عليك... ستراه وهو يسمع المرأة تُنشد شعرا فيفهم منها وهو اللبيب الحصيف الألمعي أن لها شكوة فيُرسل لها وينصرها...
ستعيش عُمُرَ عُمَرٍ كُله في 374 صفحة، ستعشق عُمر، وغضب عمر، وعدل عمر، ورقة عمر, وفطنة عمر، وبراعة عمر...
ومن جميل المُقتطفات، ولطيف المواطن في الكتاب:
"ومرَّ بقوم يتبعون رجلا قد أخذ في ريبة فقال: ’’ لا مرحبا بهذه الوجوه التي لا تُرى إلا في الشر" ص48
"قال: أحب أن يكون الرجل في أهله كالصبي، فإذا احتيج اليه كان رجلا" ص344
"وقال: اخوف ما اخاف عليكم إعجاب المرء برأيه" ص67
" {لم أر عبقريا يفري فريه...} كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم في عمر، وهي كلمة لا يقولها الا عظيم عظماء، خلق للسياسة وقيادة الرجال"ص13
وهنا نكون قد وضعنا قدمنا على خِتام مُلخصنا، الذي عملنا فيه على إمالت الأعناق، وتقريب العقول والأفهام، وتمييل النفوس لهذا الكتاب الجليل، العظيم في بابه، الجم فوائده، للعقاد رحمه الله، ولا يُنسينا الشيطان أن نذكر أنه كتابٌ رصينُ اللغة عاليها، يكون لي أن أنصح به من ابتغى تقويم لسانه بالعربية الحقة، العالية الرصينة، البعيدة عن الغُثاء.
وشُكر لكم قراءة هذا الملخص البسيط، الذي راعيتُ فيه البساطة والقُرب، وابتعدت قدر الامكان فيه عن الخلط والخطل، وبارك الله فيكم أجميعن، ويسر للجميع الخيرات، ورزقهم النعيم.
أما عن من أتحدى، ومن أطلُب، فأتركه شورى بينكم، تتحدون ثلاثة أشخاص عوضا عني يكون فيهم الخير ان شاء الله <3

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا تكن لطيفا أكثر من اللازم

فاتتني صلاة!!

"ولنا في الحلال لقاء"